كشف العقيد محمد الطاهر عبد السلام الضابط السابق في المخابرات الجزائرية، ثورة التحرير الوطني كونت مؤسسة جيش التحرير الوطني الذي حمل السلاح ضد المستعمر المعتدي، وكونه مؤسسة أمنية تستسقي المعلومات عن العدو، سامت في استحداث جهاز “المالغ” الذي يعد مؤسسة استخباراتية أمنية قوية، وكانت مهمتها كذلك الاستطلاع العسكري والتسليح والتنسيق بين قادة الولايات التاريخية، واعتبر جهاز ساهم في إنارة طريق ودرب الثورة، وإنجاح سياسة الجزائر بعد الثورة ورسمت معالمها.
حاوره: خنتر الحسين
هل لك أن تعطينا نظرة حول عمل أجهزة الدولة الجزائرية أثناء الثورة التحريرية المجيدة خصوصا الأمنية منها؟
ثورة التحرير الوطني كونت مؤسسة جيش التحرير الوطني الذي حمل السلاح ضد المستعمر المعتدي، وكونه مؤسسة أمنية تستسقي المعلومات عن العدو، كون كذلك جانب اجتماعي واقتصاد وثقافي، حيث كانت الثورة عبارة عن دولة داخل دولة، كانت هياكل الدولة التي أعدتها الثورة جاهزة بعدا لاستقلال، منها وزارة التسليح والاتصالات العامة “جهاز الاستخبارات” المعروف بــ “جهاز المالغ” سابقا، وكانت المنظمة السرية التي كانت نواة مخابرات الثورة، تعمل على التحضير للثورة ماديّا وتحديدا بالمال السلاح فضلا عن التنظيم، فقد استطاع مد مناضليه بالسلاح وأن يوزعهم على مناطق البلاد.
س2: كيف كان طريقه عمل التنسيق بين جهاز “المالغ” في المكتب التقني بتونس والقيادة مركزيه بالمغرب
جهاز المالغ مؤسسة استخباراتية أمنية قوية، كونتها الثورة وأسسها رحمه الله عبد الحفيظ بوصوف وكانت تنشط في كل المواقع المتواجد بها الجزائريين وحتى خارج المواقع كانت متواجدة حتى في أوروبا في تونس في المغرب تساعد الجيش الوطني الشعبي والقيادة السياسية في جلب المعلومات ومواصلة العمل ضد المستعمر، وكانت مهمتها كذلك الاستطلاع العسكري والتسليح والتنسيق بين قادة الولايات التاريخية العسكريين، كما كانت تقوم بمهام لصالح الثورة في الخارج، ولذا فجهاز المالغ كان ضوء أنار طريق الثورة، وترك استمراره حتى اليوم، مكان له دور أساسي في نجاح سياسة الجزائر بعد الثورة.
س: كيف كانت ظروف عمل جهاز المالغ وهل لقيت صعوبات وعراقيل أثناء عملها خصوصا في مجال التنسيق؟
أينما تكون القيادة الجزائرية تتواجد معها القيادة المركزية للأمن، تواجد مصالح الأمن والاستعلامات في الثورة كانت منتشرة في مختلف أنحاء العالم وبمساعدتهم كان نجاح وحماية الثورة، وأقول لك لا يوجد عمل هام وحساس لا تقابله صعوبات، وأقول كل مناضل وكل جزائري يتلذذ عندما يتلقى الصعوبات في عمله أثناء الثورة سيما وأن الاحتلال كان متواجدا في كل مكان، ما جعل المناضلين الوطنيين يعملون بالسر وخفية ولم يكتشفهم الاستعمار ولم يعرف طريقه ومكان عمله لذا جهاز المالغ ترك بصمات أثناء الثورة وكون جيل شباب ساهم في بناء المؤسسة الأمنية بعد الاستقلال.
الفاتح نوفمبر هو ذكرى الثورة التحريرية وذكرى شباب الإفريقي، قبل الثورة التحريرية المجيدة كان الشباب يناضل بضد الاستعمال الفرنسي كنا ننادي بضرورة اتحاد إفريقيا، و اليوم نتواصل القول بان اتحاد إفريقيا ضرورة حتمية.
س: ماذا عن الدبلوماسية الجزائرية أثناء الثورة التحريرية؟
الحركة الوطنية الجزائرية هي التي أسست حزب من اجل الدفاع عن حرية الوطن، وهذه الحركة كونت جيل مكون سياسيا ودبلوماسيا، كان دور الحركات التحررية والمنظمات الجمهورية وعلى رأسها الكشافة الإسلامية الجزائرية تعمل على وحده الشباب ضد المستعمر والحركة الشبابية، وتم تكوين جيل من الشباب آمن بالثورة وعمل بصدق وتم تفجير الثورة التحريرية المجيدة كانت تنسيق بين مختلف الوطنيين داخل وخارج الوطن ونقلت الثورة الى الخارج، وكان هناك تنسيق تام بين هؤلاء الشباب الذين وقفوا ضد المستعمر، وتم خلالها تأسيس اللجنة الثورية للعمل، التي عملت على الوحدة بين المناضلين، من مارس 1954 إلى غاية نهاية شهر أكتوبر من نفس السنة، وهم يشتغلون في سرية ولم يتنبه المستعمر الفرنسي لنشاطهم، كانت الأضواء حينها متجهة نحو عن القيادة السياسية فقط، لكن هؤلاء الشباب كانوا ينشطون في السرية حتى فجروا الثورة ليله الفاتح من نوفمبر، ونقلت بعدها الثورة إلى مختلف الدول وكان التنسيق الدبلوماسي محكما بين المناضلين.
وماذا عن دور الدبلوماسية الجزائرية بعد الثورة في دعم قضايا التحرر وتجريم الاستعمار؟
الدبلوماسية الجزائرية لها دور كبير في تجريم الاستعمار ونبذ كل أشكاله عبر العالم، خصوصا ما تعلق بدعم قضايا التحرر منها القضيتين الفلسطينية والصحراوية، للأسف بقي الشعب الصحراوي الشقيق بعدما طرد المحتل الاسباني، وبعد مِآمرة تعرضت لها الصحراء الغربية، تم تعويضه بحكم نظام ظالم من دولة شقيقة جارة، نفسه نفس دولة فلسطين التي تتعرض للظلم من طرف الكيان الصهيوني، ولهذا فالمبادرات العديدة التي قدمتها الجزائر تستند إلى ضرورة حماية الثورة الفلسطينية وتعزيز العلاقات النضالية الفلسطينية، حيث احتضنت الجزائر اجتماعات المجالس الوطنية الفلسطينية عندما ضاق عليها الأمر، ومنها دورة المجلس التي أعلن خلالها عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة يوم 15 نوفمبر 1988 والتي اعترفت بها الجزائر في حينه، وقبلها احتضان القمة العربية الاستثنائية في شهر جوان من السنة ذاتها بدعوة من الجزائر لدعم الانتفاضة الفلسطينية.
أضيف لك، دعم الجزائر لهاتين القضيتين متواصل منذ سنين، وليس بالجديد، ما قامت به الجزائر على مدى سنوات منها في إصلاح ذات البين بين الفصائل الفلسطينية على إثر الانشقاق الخطير الذي شهدته منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، وظلت تواصل مساعيها الحميدة إلى أن تكللت باحتضانها الدورة ال 18 للمجلس الوطني الفلسطيني تحت شعار دورة المصالحة الوطنية، ما بين 20 إلى 25 أفريل 1987، حيث أسست نتائجها لمرحلة جديدة من النضال وأعادت منظمة التحرير الفلسطينية قوية سواء على المستوى الفلسطيني أو العربي.
لكن أقول للشعبين الصحراوي والفلسطيني، النهار سيطلع سواء في الصحراء الغربية أو فلسطين و”ما يبقى فالواد غير حجارو”.
كلمة توجهها للشباب اليوم؟
ندعو الشباب ان يواصل والأجيال الجديدة بناء الدولة الجزائرية، في مستوى تضحيات أبائنا وأجدادنا، علينا كذلك واجب دعم كل حركات التحرر لمساعدتهم خصوصا فلسطيني والصحراء الغربية.