الفوطة التقليدية.. تراث من الجمال والأصالة في منطقة القبائل
الحــدث

الفوطة التقليدية.. تراث من الجمال والأصالة في منطقة القبائل

تتجلى في عمق جبال منطقة القبائل العديد من التقاليد والعادات التي تمتزج بجمال الثقافة الأمازيغية العريقة، ومن بين هذه التقاليد، نجد “الفوطة” تلك القطعة من القماش التي تحمل في ألوانها وزخارفها جاذبية خاصة تعكس تراثًا غنيًا وتاريخًا قديمًا.

وتعد الفوطة القبائلية قطعة من اللباس المميز للمرأة في منطقة القبائل، ورمزا من رموز هويتها في بعدها الأمازيغي، وتتشكل من قطعة قماش مربعة الشكل، طويلة التي تحمل في ألوانها وزڤزاڤها جمال تقاليد منطقة القبائل العريقة، إذ تُلف حول خصر المرأة لتعطيها الأمان، وتعقد ويتم تثبيتها بواسطة حزام من الصوف بألوان كل الفصول، وللألوان رمزية كبيرة، فالأصفر يرمز إلى الشمس، والأخضر هو لون النبات، والأزرق السماوي يرمز إلى الحرية، والبرتقالي نار مضرمة، أما الأحمر فلون الدم، الذي يجري في العروق.

تقول الخياطة أمال في حديثها لـ”السلام اليوم” :”الفوط نوعان تقليديان، تحمل اللونين الأحمر والأصفر، وترمز للأمازيغ، كما لديها أنواع عديدة مصنوعة من الحرير، إذ تلبس في المناسبات فوطة بالخيط، وكذا في الأيام العادية، أبرزها فوطة اث يني التي يوضع عليها ما يسمى بـ “ثيسفيفين” ويتم ارتداؤها فقط من قبل المسنات، وتوجد العصرية منها ويطلق عليها إسم “ثيسفيفين” وتوجد أيضا “ثيذلي” أو “ثيجقوا” التي تحاك باليد ثم توضع فوق الفوطة كإكسسوار، ومع مرور الوقت دخلت عليها تعديلات عصرية وأنواع أخرى، ويبقى اللونان الأحمر والأصفر هما الرائدين منذ القدم مهما طرأت عليهما من تغيرات.”

وتحتل الفوطة في اللباس التقليدي القبائلي مكانة مهمة جدا، فهي بالإضافة إلى كونها إكسسوارا ضروريا لاكتمال طلة أي امرأة قبائلية، إلا أنها تلعب دورا اجتماعيا مهما جدا، يجعل أي كان يفرق بين المرأة المتزوجة والعزباء التي تنتظر عريسها، فالمرأة المتزوجة تشد الفوطة على خصرها، أما العزباء فتشدها في الجانب الأيمن أو الأيسر.

وتعد للفوطة القبائلية ثلاثة أنواع، وهي “تيمحرمت لفوطة” التي تعد الأطول على الإطلاق، وتكون مصنوعة من خيوط حرير رفيعة جدا، و”تيمحرمت ثاكلاتين” المصنوعة من الصوف الأسود بقاعدة قطنية، والتي كانت رائجة قبل الخمسينيات، واندثرت مع مرور السنين، وأخيرا “تيمحرمت لحرير” المصنوعة من الحرير الطبيعي، والتي عادة ما يدثر فيها الطفل في الختان.

والفوطة ليست مجرد غطاء للخصر أو الرأس أو الكتفين، فهي عملية أيضا، إذ تحمي من البرد والحر؛ كما تستعمل كقفة لجمع الخضار والفواكه والزيتون، وقد تستعملها الأم في حمل ابنها الصغير، فالفوطة واحدة واستعمالاتها متعددة، وإن كانت الجبة القبائلية ورموزها المطرزة على لباس تقليدي جزائري آخر حاضرة في مختلف المناسبات، فإنها أيضا موضع تهافت من قبل الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج، التي تريد الاحتفاظ بها كرمز من رموز الهوية الجزائرية.

طبيب خالدة