“النقد عندنا لا ينظر سوى للجانب السيء من الأشياء”
المحلي ملحق

“النقد عندنا لا ينظر سوى للجانب السيء من الأشياء”

لا يرحب  الكاتب ياسمينة خضرا في هذا الحوار بالنقد عندنا ويعتبره ردود أفعال ذاتية تحركها النزعة الاختزالية لأصحاب الآفاق الضيقة أو ذوي رؤى مغلقة إما بطابع إيديولوجي أو هوياتي وكلاهما يريد تحطيم الآخر إرادة وحلما وطموحا.

ويعلل سبب انحراف هؤلاء النقاد عن المعايير الفنية والأدبية، يعود أساسا إلى الأحقاد التي يكنونها لبعضهم البعض.

ويرى أن الأدب الجزائري المتفتح على جميع المواضيع ضحية مرجعيات التيارات الفكرية المتناطحة.

كما يرى أن للكاتب حرية اتخاذ خياراته والسيادة فيما يتعلق بكيفية التعامل معها، ويوجه النصح للكاتب الذي يريد أن يستمر في الحلم ويجعل الناس يحلمون معه “عدم الالتفات” إلى نقد المضايقة وهدم الأحلام.

حاورته : أمينة بارة

كان الأدب الناطق بالفرنسية يهتم سابقا بمسائل تتعلق بالتمييز العنصري والهجرة، أما أدب الراهن لم يعد يهتم بهكذا قضايا. فما رأي يسمينة خضرا في الموضوع؟

ليس لي رأي حول الأدب الجزائري. فهذا يحتم علي أن ألاحظ، أقيم، أحدد أولويات، أنتقص وهذا تمرين يزعجني. لكن إجابة على سؤالك يمكن القول إن الأدب الجزائري يهتم بكل المواضيع وباللغتين – العربية والفرنسية – وكل المواضيع تروق له.

علاوة على ذلك، فإن الرغبة في جعل الأدب ملتزما أو أدب هوية أو أدب احتجاج يبدو لي أمرا اختزاليًا. للكاتب حرية اتخاذ خياراته والسيادة فيما يتعلق بكيفية التعامل معها. من ناحيتي، لقد كتبت عن جميع الموضوعات وحتى عن البلدان في نقيض الجزائر في حين ألقى نفس الترحيب ونفس الحماس.

 

الأدب الفرنسي لا يخضع للنقد بخلاف الأدب العربي فما أسباب ذلك برأيك؟

ياسمينة خضرا : الانتقادات هي مجرد ردود فعل ذاتية. تدفعها في بعض الأحيان الأيديولوجيات، وأحيانًا التيارات الفكرية والغيرة في كثير من الأحيان. إن “المتعلمين” الذين يسقطون في لعبة الهدم هذه هم ضيقو الأفق وخطيرون مثل العنصريين أو الانفصاليين. إلا أن الأدب كرم.

إنها إحدى تلك النعم التي تجعل حياتنا أقل توتراً. القراءة هي الهروب والسفر والتعلم واكتشاف الثقافات الأخرى والوصول إلى العقليات الأخرى. لا أفهم لماذا يخترع البعض لها أخطاءً هي نفسها تحاربها في الأساس.

أفضل شيء للكاتب الذي يريد أن يستمر في الحلم ويجعل الناس يحلمون هو عدم الالتفات إلى نقد من هذا النوع. إنها مجرد مضايقة من المنحطين.

 

يحاول البعض شيطنة الأدب المكتوب بالفرنسية، كيف ترد على هذه المحاولات؟

من يحاول شيطنة الأدب الناطق بالفرنسية ؟ كتّاب محبِطون، بدون موهبة حقيقية، مثقفون يفتقدون للظهور، أكاديميون مصبوغون بأيديولوجيات ضارة.

هل تعلم أنه، ببساطة لأنني أكتب بالفرنسية، أطلق علي بعض المستعربين لقب “حركي”، وقد أمضيت 36 عامًا من حياتي في الجيش الجزائري، قضيت 25 عامًا من شبابي في وحدات قتالية منتشرة على الحدود، في ملاجئ موبوءة، وأحيانًا أنام في خزاناتي، جوعان للموت أو ساهرًا في حالة تأهب ليلا، لا أستحم لأيام وليال في حرارة تندوف الشديدة؛ 8 سنوات من الحرب ضد الإرهاب…

“حركي”  !وأنا ابن ضابط في جيش التحرير الوطني وابن مجاهدة فقدت ثديها تحت التعذيب أثناء حملها قبل أن تلد طفلاً معاقًا سيعيش 37 عامًا من المعاناة ؟ لذا من فضلك لا تهتم لأولئك الذين لا يستحقون ذلك. فالنميمة لا تستثني العباقرة ولا الأنبياء لأنهم، وراثيًا، لا يعرفون ما هي النزاهة والجمال والموهبة والحكمة.

 

الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية يحاول نزع هالة الطابوهات مثل الشذوذ الجنسي وغيره. هل نعتبر ذلك تعد على الخطوط الحمراء؟

من جعلك تصدق أن المثلية من المحرَّمات؟؟ لقد تعامل العرب معها قبل الغرب بزمن طويل. تذكر الكتب الوردية، التي نشرت في القرن الخامس عشر في المغرب. لقد كانت ثمة نصوصًا جنسية صرفة، بل إباحية حتى لم تدخر أي تفاصيل عن الزنا والتعاليم التربوية حول تعلم العلاقات الحميمية.

إن القول بأن الفضيحة حدثت من خلال الأدب الناطق باللغة الفرنسية هو خطأ جسيم في التقييم. مرة أخرى، اللعنة أخطأت الهدف. فقد تم تجاوز الخطوط الحمراء قبل قرون من الزمن، من قِبل جميع اللغات وكل الآداب. هذا النوع من الاختصارات هو مجرد حقد صارخ ووقح أصبح مألوفًا بيننا منذ أن تخلينا عن إرادتنا الحرة.

نحن الآخرين، الدول المتنازعة مع نفسها، بعيدين عن معرفة كيفية تقدير فضائل هذا العالم. إنه لأمر محزن أن نرى الجانب السيء من الأشياء فقط، بل وأكثر فظاعة عندما نرى الشر في كل مكان والشر فينا.