صورة لمسار الفكر الفرنكوفوني ماضيا وحاضرا في العالم العربي
ثقافي

  صورة لمسار الفكر الفرنكوفوني ماضيا وحاضرا في العالم العربي

سلط المفكر عبد الله الركيبي الضوء في كتابه الفرنكوفونية شرقا وغربا عن الحقبة التي مرت بها الجزائر بعد أحداث اكتوبر1988 وما فجرته من ظواهر لاسيما تلك المتعلقة بالفكر والثقافة والادب، خاصة بعد أن  بدا تطبيق نظام التعددية حيث عاد الحديث وبقوة عن النهضة والطرق التي تساعد على التقدم والخروج من التخلف وقد كثر الحديث عن مكانة اللغة العربية في هذه المرحلة وظهرت ثغرات قبلية وجهوية متعصبة وبدت الاقليمية بصورة واضحة غير معهودة.

وحاول عبد الله ركيبي في كتابه الاجابة عن بعض التساؤلات تمحورت اساسا في “هل الفرنكوفونية في المغرب العربي خاصة قد أفادت أو أثرت في الثقافة العربية؟ أم أنها أغنت الثقافة التي تكتب باللغة الفرنسية والابداع الذي يصدر بها؟ ولماذا يستميت ذو الثقافة الفرنكوفونية عندنا في الدفاع عن الفرنسية، وبانفعال زائد احيانا كثيرة؟ ولماذا يكون حديثهم عن العربية والدفاع عنها حين يثار موضوع التعريب يبدو مجرد عاطفة أقرب الى الرثاء منها الى الدفاع الحار الصادق عنها والعمل على ترقيتها ونشرها في مختلف مجالات الحياة وللإجابة على كل هذه التساؤلات قسم ركيبي كتابه الى ثلاثة أبواب أعطى لكل باب اسما، وفي كل باب عدة فصول ففي الباب الأول المعنون الفرنكوفونية بين السياسة والثقافة والأدب أدرج  فيه أربعة فصول تحدث فيها عن الفرنكوفونية والانجلوسكسونية وقدم نبذة تاريخية عن نشأة الفرنكوفونية وتطورها الى جذور الفرنكوفونية وارتباطها بالفكر الاقليمي في المغرب العربي والى الفرنكوفونية بين الادب والثقافة في المغرب العربي، اما الباب الثاني فقد خصصه ركيبي للحديث عن الفرنكوفونية في الجزائر وموقفها من الاتجاه القومي أدرج فيه الوجهان القديم والجديد الفرنكوفونية، فيما أعطى نماذج في الباب الثالث للتطبيق من المشرق والمغرب تحدث فيه عن طه حسين في الثقافة واللغة ومصطفى الأشرف في الثقافة واللغة.

وأسهب ركيبي في مؤلفه للحديث عن تاريخ الفرنكوفونية وأنها ليست جديدة من حيث الجذور والأصول والتاريخ إلا أنها في عصرنا تغيرت النظرة إليها الآن ومستقبلا لأنها أصبحت تؤثر على حياتنا الثقافية خاصة بعد الحركة التحررية

التي عرفتها أوطاننا بعد عبودية طويلة حيث بات من الضروري تغيير النظرة إليها متسائلا هل فعلا تم تغيير النظرة الفرنكوفونية؟ وإلى أي مستوى؟

معتبرا أن الإجابة على هذا السؤال هو لب الأمر لأن الفرنكوفونية أصبحت اليوم قوة فكرية لغوية ثقافية وسياسية واقتصادية بعد أن تقلص ظلها العسكري وبرزت في ثوب جديد وكشرت عن أنيابها التي غلفتها بذهب مصطنع براق كونها في الماضي كانت قد وقفت ضد العروبة والوحدة أما في الحاضر فقد ساعدها في الانتشار التخطيط المحكم والظروف التي حولت الصراع فيها حضاريا ثقافيا لا ماديا وعسكريا ومن هنا فان لهجتها تغيرت وتكاثرت فئة الداعين إليها .

وخلص الكاتب في الأخير إلى أن الفرنكوفونية في المشرق العربي كانت عملا ايجابيا نسبيا فيما يتعلق بتطوير الثقافة العربية والأدب العربي حيث أن المثقفين العرب الفوا بالفرنسية وترجموا عنها ولو تأثروا بها وبثقافتها وأخضعوها للواقع الوطني والقومي أما العروبيين من الفرنكوفونيين فقد نظروا إليها بوصفها ثقافة إنسانية وبالنسبة للفرنكوفونية في المغرب العربي  فإن أصحابها كانت  لغتهم الأولى هي الفرنسية بدلا من العربية وكان الوضع الثقافي في المغرب العربي اثره في هذه الظاهرة اللسانية حيث كان الأدباء الفرنكوفونيين يستوعبون الفرنسية اثباتا للوجود بل انهم دافعوا عن بقائها لتبقى قلة قليلة منهم من وقفت بجانب العربية وعن الجزائر قال الكاتب انها تتميز بطابع خاص كون الفرنسية متوغلة بها لعقود من الزمن ورغم هذا فإنها تعرف انقساما في صفوف المثقفين بين المعربين والمفرنسين وهناك صراع خاصة بعد رفض الجزائر دخول مظلة الفرنكوفونية رسميا حيث يمكن ان تسهم مستقبلا في إعادة الاعتبار للثقافة القومية.

ل.ع