قانون الاستثمار الجديد .. قفزة تشريعية ونية سليمة للدولة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي .. لكن !
ملحق

قانون الاستثمار الجديد .. قفزة تشريعية ونية سليمة للدولة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي .. لكن !

من أجل تحقيق إقلاع إقتصادي مبني على أسس سليمة تضمن قوته و إستمراريته، وضع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، نصب عينه هدف تطوير الإستثمار في بلادنا، و أطلق ورشات وطنية بمشاركة كفاءات من الداخل و الخارج، توجت بصياغة قانون إستثمار جديد تعلق عليه آمــال كبيرة لتحرير روح المبادرة و تحريك العجلة الإقتصادية على جميع الأصعدة .. خطوة تعكس النية السليمة للدولة .. نية تصطدم على أرض الواقع للأسف بما بات يسمى في بلادي الحبيبة بـ “غــول البيروقراطية” من جهة و التحولات السياسية و الإقتصادية من جهة أخرى .. فهل تنجح السلطات العمومية في تطبيق بنود هذا القانون الجديد في الميدان ..؟.

عالج القانون الجديد للاستثمار الذي يعتبر ثمرة نقاشات عديدة كما ذكرنا آنفا معوقات تضمنها سابقه (القانون 16- 09 المؤرخ في 03 أوت 2016) خاصة ما تعلق بكسر حاجز البيروقراطية وتبني مبدأ الشفافية وضمان المساواة بين مختلف المتعاملين وتحفيز الاستثمارات الأجنبية، و عليه يشكل هذا القانون بحلته الجديدة وفق مراقبين قفزة تشريعية في مجال تنظيم وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار، و من هذا المنطلق صاحبه نقاش متواصل داخل الدوائر الاقتصادية في الجزائر حول الفرص والضمانات التي ستعمل بنوده وتدابيره المختلفة على تحقيقها للمتعاملين المحليين والأجانب على حد سواء.

و رغم الإيجابيات الكثيرة التي تضمنها هذا القانون الجديد، إلاّ أن هناك عقبات يمكن أن تقف في وجه تطبيقه كما ينبغي على أرض الواقع، خاصة ما تعلق بالبيروقراطية التي طالما كبلت خلال العقود الماضية إستثمارات محلية و أجنبية مهمة في قطاعات حساسة كانت لتعود بفائدة كبيرة على إقتصادنا الوطني، ضف إلى ذلك التحولات السياسية و الاقتصادية التّي غالبا ما تتحكم في مثل هكذا قوانين، حيث أنه و بحكم أن “الحاجة تبيح المحظورات” يمكن لأي تطور سياسي أو إقتصادي طارئ و حاسم أن يؤدي لا محالة إلى تعديل، تغيير، أو حتى إلغاء مواد بأكملها لضمان تأقلم القانون مع واقع الحـــال.

وكنظرة أولية حول الخطوط العريضة التي يحملها القانون الجديد للإستثمار، فإنه من الناحية النظرية مميز وجذاب بحيث أنه يضبط شفافية التعاملات وسهولة الإجراءات من دراسة ملف المستثمر إلى غاية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال، لكن يبقى التحدي الأساسي لهذا القانون هو إزالة الضبابية التي على أعين المتعاملين فيما سبق، و هو ما يتطلب من الإدارة الصرامة في تطبيق ما جاء به على أرض الواقع، خاصة أنه قانون مستند على منظومة تشريعية ضامنة لحقوق المستثمرين.

– رهانات بالجملة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة

هذا و يحمل قانون الاستثمار الجديد في طياته عدة رهانات من أجل تحقيق الإقلاع الاقتصادي والذهاب إلى تنمية شاملة ومستدامة، على غرار 18 مادة تؤسس لتحرير الاستثمار من البيروقراطية والسلطة الإدارية كما يوفر حماية قانونية للمستثمرين.

قانون الاستثمار الجديد يعتبر جذابا للمستثمرين الأجانب مقارنة بسابقه، خاصة كونه تضمن إنشاء الشباك الموحد الذي يعتبر خطوة لتسهيل واستمالة الاستثمار الأجنبي، فضلا عن هذا كله حمل القانون الجديد العديد من المحاور التي أكدت إبعاد البيروقراطية الإدارية عن تسيير الاستثمار عن طريق إجراءات تسهيلية لصالح المستثمرين، و هو ما يجعله قاطرة لإصلاحات تشريعية مرفقة، على غرار قانون العقار، مع تسريع إنشاء وكالة وطنية للعقار الفلاحي والصناعي، وقوانين الإصلاح الجبائي والجمركي والنظام المصرفي لتتلاءم مع البيئة الاستثمارية الجديدة.

– هذه أهم محاور قانون الاستثمار الجديد

بشكل موجز، يمكن حصر أهم محاور قانون الاستثمار الجديد، في إعادة تنظيم الإطار المؤسساتي المتعلق بالاستثمار من خلال تركيز مهام المجلس الوطني للاستثمار وتحويل الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار إلى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار ووضعها تحت سلطة الوزير الأول، حيث تم منح هذه الوكالة دور المروج والمرافق للاستثمارات عبر استحداث شباك وحيد ذي اختصاص وطني للمشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية، فضلا عن استحداث شبابيك وحيدة، غير ممركزة للاستثمار المحلي، وتعزيز صلاحياتها، كما سيكون للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار من خلال هذا القانون الجديد دائما، دور في محاربة البيروقراطية عبر رقمنة الإجراءات المتصلة بعملية الاستثمار عن طريق استحداث المنصة الرقمية للمستثمر، و التسليم الفوري لشهادة تسجيل المشروع الاستثماري.

– قانون الإستثمار الجديد .. أفق جميل لإقتصاد متنوع وقوي

تفاعل المتعاملون الاقتصاديون بمختلف نشاطاتهم بشكل إيجابي مع القانون الجديد للإستثمار، مجمعين على أنه سيعمل على تحسين مناخ الاستثمار ومكافحة البيروقراطية وجميع العراقيل الإدارية التي كانت تقف عائقا في وجه المستثمرين، على سبيل المثال لا الحصر، أبرز الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، في بيان له تحوز “السلام اليوم” على نسخة منه، أن القانون الجديد سيساهم في دفع عجلة التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات الأجنبية وإعطاء قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وبعث الروح في المعاملات التجارية والمالية وخلق مناصب شغل جديدة، فيما عبرت المنظمة الوطنية للتنمية الاقتصادية، في بيان لها هي الأخرى، عن ارتياحها لهذا القانون، مشيرة إلى أنه سيسمح بتوفير الظروف المناسبة لتنويع الاقتصاد الوطني، من جهته أكد مجلس تجديد الاقتصاد الجزائري، أنّ هذا القانون الجديد للإستثمار، سيساهم في جذب الاستثمارات وخلق قيمة مضافة ومناصب عمل.