مثقفـون مصريـون يضعـون كثيرا
ملحق

مثقفـون مصريـون يضعـون كثيرا

من بيضهم في سلة الفرنكوفونية

كتب الأستاذ محمد حسنين هيكل ذات يوم، مقالا عن الفرنكوفونية قال فيه، وأخيرا وفجأة ظهر على الساحة مشروع طارئ باسم الفرانكفونية، وهو مشروع منظمة غريبة لا تعبر بالنسبة إلى الأمة عن هوية، ولا أمن ولا مصلحة، ولا أمل، بل قامت على إنشائه الدولة الفرنسية بسلطتها، وتوجهه الدولة الفرنسية بأدواتها، وتديره الدولة الفرنسية بأجهزتها”، هل ما زال رأي الأستاذ هيكل صالحا حتى يومنا هذا؟.

الإجابة جاءت بعد سنوات، على لسان ياسر محب مؤسس مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية، بتأكيده، أن الفرنكوفونية تتخطى حدود الدولة الواحدة، ومن هذه الدول مصر، التي تعتبر من الدول المؤسسة، وكان أول أمين عام لها هو الدكتور بطرس غالي، وعلى هامش المهرجان الذي انتهى مؤخرا، عقدت مناقشات خاصة عن دور مصر في هذه المنظمة”.

وأكثر من ذلك، كان تبني الحكومة المصرية لمشاريع الفرنكوفونية، بتأكيد أيمن عاشور وزير التعليم العالي المصري، أثناء افتتاح فعاليات المؤتمر الوزاري الفرانكوفوني السادس في مصر، الذي نظمته الوكالة الجامعية للفرانكوفونية في إطار النسخة الثانية من الأسبوع العالمي للفرانكوفونية العلمية التي عقدت، خلال الفترة من 25 إلى 28 أكتوبر المنصرم، على اهتمام مصر بالمبادرة المتميزة للوكالة الجامعية للفرنكوفونية بتخصيص أسبوع عالمي للفرنكوفونية العلمية سنوياً، لاسيما “الدبلوماسية العلمية” التي تعمل على سد الفجوة بين النشاط العلمي الأكاديمي من جهة، وتطبيق السياسات فعليًا على أرض الواقع من جهة أخرى، وانتهاء بتنظيم “نادي وملتقى الشباب الفرانكفوني”، والذي يُعد الأول من نوعه، ويمثل تجسيدًا واقعيًا لرؤية مصر نحو إطلاق وتنظيم منتديات لشباب العالم.

وعن مهرجان الدورة الثانية السينمائي قال ياسر محب، إنها تستهدف نقل الجمهور المصري وجموع الشباب والسينمائيين والمثقفين بمصر في رحلة عبر شاشات قاعات العروض والمبادرات والحلقات النقاشية إلى قلب صناعة السينما الفرنكوفونية وفنونها، بهدف تنشيط وتعزيز الفن السابع المصري، مع فتح قنوات نقاش وتبادل ثقافي وسينمائي جديدة وفعالة، تسهم بدورها فى دعم جهود الدولة لتنشيط حالة الوعي الفني ودعم القوى الناعمة المصرية وإثراء الحركة السينمائية والإبداعية والثقافية في مصر.

وقفة تاريخية

قبل السينما والتعليم العالي وكلام الأستاذ هيكل، فإن علاقة مصر مع فرنسا قديمة وتاريخية وسالت فيها دماء كثيرة، تعود إلى الحملة الفرنسية على مصر سنة 1787 التي أحضرت على سفينتين من سفنها، المطبعة الشرقية والفرنسية، في البدء كان ينظر لهذه المطابع في الإسكندرية على أنها وسيلة دعائية لخطط بونابرت، ثم بعد ذلك وفي القاهرة جاءت ولادة الصحافة الفرنسية عندما صدرت صحيفة “لو كورييه دو ليجيبت” وكانت تهدف لأن تكون الناطق الرسمي للمستعمرة الفرنسية، وبعد صدور أزيد من 750 عنوانا صحفيا، بقي اليوم صحيفتان فقط بالفرنسية، هما “البروجريه اجيبسيان” التي تأسست عام 1893، و«الأهرام ابدو” تأسست 1994 داخل مؤسسة الأهرام اليومية الناطقة بالعربية.

أجمع لغويون ومختصون، أن الفرنسية لا يمكنها التغلب على الإنجليزية في مصر، لكن العدو الذي يزاحمها ليس لغة شكسبير وإنما اللغة الصينية أو الثقافة الصينية، وحسب الكاتب لورنت ألكسندر المهتم بالذكر الاصطناعي، فإنه، إذا تمادى غيابنا في المجال الرقمي فإفريقيا ستتكلم اللغة الصينية، وإذا لم تتنبه دوائر الحكم الفرنسية لهذا الخطر، فإن الفرنكوفونية ستنحصر عام 2100 في فرنسا وجنوب بلجيكا وجنيف والكيبيك، فيما يزحف عمالقة التكنولوجيا والاتصالات نحو إفريقيا وأوروبا بتقيناتهم وثقافتهم”.