منطقة الساحل..ساحة اللعب الاستراتيجي المستقبلية للقوى الكبرى
الاولى الحــدث دولي

منطقة الساحل..ساحة اللعب الاستراتيجي المستقبلية للقوى الكبرى

إذا بدأنا بسرد الأحداث التي هزت المنطقة المغاربية-الصحراوية-الساحلية، فإننا نرى بوضوح أن هذه الاستمرارية المكانية والزمانية في تشكيل الأزمات قد خضعت دون شك لمنطق “إعادة التشغيل الكبير“. الذي تكلم عنه وعمل على إنجازه المفكر الاقتصادي “شواب”.

وسرعان ما أشاد العديد من المحللين بالانقلابات التي أطاحت بالرؤساء المنتخبين في بوركينا فاسو، ومالي، ثم النيجر. حيث أنه في هذه المرحلة من الإستراتيجية، كان علينا أن نبقى يقظين. فكلما وضعنا الأحداث في مكانها الصحيح، أصبحت الصورة بأكملها أكثر وضوحا كأنها “لعبة المونوبولي”، تبني هنا وتدمرهناك، لتصل في النهاية إلى شيء جديد. هذا هو السحر الاستراتيجي لعملية إعادة التشغيل الكبرى.

وعندما قرر حلف شمال الأطلسي، قبل بضعة أشهر، إدراج منطقة الساحل في جدول أعماله ذي الأولوية، مرت المعلومات على المحللين كأنها لم تكن بالرغم من أهميتها القصوى.

اللعبة الإماراتية في السودان ومالي وموريتانيا والمغرب لم تخفى على أحد؛ وكان مطارها السري، وسط الصحراء، يستخدم كنقطة انطلاق من قبل مرتزقة تتعارض أجنداتهم السياسية مع أجندة الجزائر؛ وسيطرتها على الذهب القادم من السودان ومالي بتكلفة أقل، جعلتها أحد مراكز سوق الذهب في العالم؛ ثم إن نيامي وباماكو اللتان “تنفخان عضلاتهما” تجاه الأخ الأكبر في الشمال؛ ثم التحالف الأطلسي الأخير، وهو اجتماع في المغرب من أجل “تأثيراته الدعائية”؛ وصولا إلى”الجيوش الإرهابية” التي فُتح لها “ممر واسع” يؤدي من العراق وسوريا إلى طرابلس، إلى فزان، ثم إلى الصحراء الكبرى، فهذه كلها معطيات يجب أن تؤخذ في الاعتبار.

“اتفاقيات إبراهيم” لم تبدأ مع الرئي الأمريكي ترامب، إذ قبل سقوطه كان الجنرال عمر البشير قد قال بوضوح إنه طُلب منه «التطبيع» مع إسرائيل من أجل البقاء في منصبه. وباقي القصة نعرفه. كما نعرف بالتفصيل دعم محمد دحمان دغلو “حميدتي” المستفيد من “السخاء” الإماراتي والإسرائيلي من الرجال والمال، مقابل أن يرسل كل الذهب من السودان إلى دبي (الذي استحوذ عليه رجال أعمال إسرائيليون).

 ولأنه يعرف الكثير عن خدع هذه الكيانات المؤذية، وكذلك استخدام المشير خليفة حفتر في ليبيا، فيما يتعلق بدبي وتل أبيب وحميدتي، فقد تم وضع الجنرال البرهان في قفص الاتهام ونعت بكل الأوصاف المشينة في الإعلام حتى يسهل القضاء عليه بعد تشويه سمعته.

وحتى وقت قريب، كانت الجزائر هي التي تلعب دور إحلال “الإستقرار” بالمنطقة، وتناور هنا لإنجاح الوساطة، وتحل وساطتها هناك، مع مختلف مراحل خطط السلام في مالي والنيجر. حتى قيل حينها: “لا يتحرك جمل، ولم تبرك ناقة من دون علم الصلاح“.

إن مجموعة الكيانات الضارة التي تتحرك في منطقة الساحل قد تؤدي إلى انفجار على نطاق لا يمكن السيطرة عليه. فطبول الحرب بدأت تقرع بالفعل..