هذا ما يحدث على أبواب الجزائر الجنوبية
الحــدث دولي

هذا ما يحدث على أبواب الجزائر الجنوبية

لا تزال الجزائر تسابق الوقت لفك فتيل الأزمات من هنا وهناك في وقت زادت فيه حدة بعض القوى التي تريد أن يكون لها وزن إقليمي في التسلط على المساحة الجغرافية الطبيعية القريبة للجزائر وهو المحيط الصحراوي – الساحلي.

فتزامن الكثير من الأحداث في وقت معيّن وفي مساحة جغرافية معيّنة ليس وليد الصدفة، فالأمور إذا بلغت حدا معيّنا من الترابط والتزامن لا تنبئ بالصدفة بل تخبر عن خطة مدرجة في سياق ينبغي التفطن له.

أول الأحداث المتسارعة غلق السفارة الفرنسية في نيامي وخروج آخر عسكري من النيجر، فالذي كان يظن أن فرنسا ستخرج وهي تجر ذيل الخيبة من الساحل الإفريقي بلا رجعة فهو واهم دون شك، لا سيما بعدما كانت فرنسا صرحت قبل ثلاثة أشهر “أن الساحل سيسقط بعد أسابيع وأن دول الساحل لن تقوم لها قائمة بعد خروج جيوشها من الساحل”.

طرد الإماراتيين من السودان قبل أيام هو عنصر من عناصر المعلومات المترابطة لأن ذهب مالي سيخلف ذهب السودان لا سيما أن الاتفاقية السرية مع باماكو تسمح بالدفع للخمسين كيلوغراما الأولى فقط من الذهب والتغاضي عن ما سواها. ولا ننسى أن الحرب أفشلت خطط استخراج الذهب من السودان بالنسبة للإمارات والكيان الصهيوني أكبر مستفيدين من ذهب الساحل.

إن التجاذبات التي تكشف عنها حاليا النيجر ومالي من غير مبرر تجاه الجزائر هي عناصر أخرى في مسار تأزيم الأوضاع لأهداف مدروسة، مثلها مثل قتل حسان فاغاغا في تين زاواتين قبل ثلاثة أيام وضرب كيدال بالمسيرات ووصف القياديين من الأزواد الذين أمضوا ميثاق الصلح والمصالحة في مالي وحضروا “اتفاق الجزائر” بأنهم “إرهابيون”.

آخر هذه الدعاية المغرضة استقبال وزراء من النيجر وبوكينافاسو ومالي في المغرب وإضافة موريتانيا في وقت لاحق وتقديم الوعود لهم أن بلدانهم ستكون لها ممرات آمنة عبر المغرب إلى المحيط الأطلسي. ظاهريا هذا وعد كبير وقد يرى فيه حكام البلدان الثلاثة الأولى خلاصا من الانغلاق لبلدانهم داخل القارة، ولكنه من الناحية الاستراتيجية “أكذوبة القرن” فمن من بلدان العالم يقبل أن تشكل بلاده ممرا إلى البحر؟ بل إن أهم سبب الحرب في أوكرانيا أن روسيا صممت – والدول الغربية على ما هي عليه من العداء- أن تفتح لها ممرا إلى بحر الساخنة جنوبا لا سيما بحر آزوف بمحاذاة تركيا.

فالطرح المغربي لا يعدو أن يكون “رقصة البطن” لإغراء حلفاء جدد معزولين إفريقيا ودوليا. ولا يخفى أن كل هذه “الشطحات” هدفها عزل الجزائر عن محيطها الطبيعي الساحلي الصحراوي، غير أن الأوراق التي بيد الجزائر هي أوراق كبيرة أخرى لرد كل قزم إلى حجمه وحلحلة الأوضاع بما لا يبقي أطماع البعض قائمة بهذا الشكل.

أ. فيصل