ما يحدث في اتحاد كرة القدم خلال هذا الصيف الحار ليس بالمفاجأة ولا بالحدث الغريب، لأن الاتحاد الجزائري لكرة القدم قد عاش دائما على الصراعات الحادة وتضارب المصالح. ومن يعرف تاريخ هذه الهيئة ويتابع مسارها، يكون تأكد مرة أخرى أنها لا ولن تعرف الاستقرار ما دامت قد أصبحت “قبلة مقدسة” لبعض الوصوليين وجملة من المغامرين من أصحاب المصالح الضيقة. فبعد رحيل محمد روراوة قبل خمس سنوات، بقي الاتحاد وفيا لتقاليده، فحل خير الدين زطشي وبعده شرف الدين عمارة، ثم جهيد زفيزف الذي سقط بعد أن عصفت به رياح “الكاف” القاتلة.
اليوم، ها هو الاتحاد يقف في مفترق الطرق للبحث عن رئيس جديد يكمل العهدة المبتورة، ويخرج الكرة من النفق الذي دخلته منذ جنفي 2022 بخروج المنتخب الأول من كأس الأمم بقدم فارغة والأخرى لا شيء فيها، لتأتي بعد ذلك سلسلة الإخفاقات… كأس العالم 2022، بطولة أمم إفريقيا للمحليين ونظيرتها للناشئين والمنتخب الأولمبي وآخرها دورة الألعاب العربية.
ويبدو من الواضح أن المقاربة التي يسير وفقها الجميع، وهي دون شك التركيز على شخص رئيس الاتحاد، قد باتت مغلوطة، لأن الخلل موجود في مكان آخر. ولهذا، فإن على الجميع الاقتناع أخيرا أن المسألة ليست متعلقة بالأشخاص – والدليل علة ذلك انتخاب ثلاثة رؤساء في عهدة واحدة وسنة – بل الأمر يتعلق بمنظومة كروية بكل مكوناتها. فماذا سيفعل أقوى رئيس إذا كان الفشل يعم كل أوساط الكرة؟ وماذا سيفعل الرئيس إذا كان مكتبه الفيدرالي عاجزا والأندية تعيش على المال العام وتراكم الديون؟ وماذا سيفعل الرئيس إذا تحوّلت الكرة إلى وكر لبعض الانتهازيين المتفننين في صرف أموال الدولة بلا حسيب ولا رقيب؟… لا شيء بكل تأكيد، فإنه سيكون بدوره عاجزا على اسماع صوت الاتحاد في الخارج، وسيفشل في دخول المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم ولن يستطيع الدفاع عن المنتخب الوطني والأندية الجزائرية.
ومهما يكن من أمر، فإن انتخابات الرابع من سبتمبر المقبل، ستفرز رئيسا جديدا للاتحاد الجزائري لكرة القدم، وهذا بطبيعة الحال لن يحل المشكل الذي يبدو معقدا وعميقا، إنه الداء الذي ألم بالكرة منذ سنوات.. داء توسع وتشعب وبلغ الأساس. وسيكون من واجب أسرة كرة القدم – المشغولة هذه الأيام باسم الرئيس الجديد – أن تعمل على إعادة بناء هرمها على أسس صحيحة وعليها كذلك أن تفهم ما هي لعبة كرة القدم وأبعادها وقيمها، كما عليها أن تنظف محيطها، وبعدها سيكون من السهل على أي رئيس العمل لبعث اتحاد قوي مهاب الجانب ومسموع الصوت في الداخل والخارج.
أحفيظ فضيل