“فرنسا أضعفت بمواقفها السياسية حلفاءها في منطقة الساحل الإفريقي”
الاولى الحــدث

“فرنسا أضعفت بمواقفها السياسية حلفاءها في منطقة الساحل الإفريقي”

أجرى الصحفي والمحلل السياسي الفرنسي، ريمي كارايول، حوارا تناول فيه المشهد النيجري بجميع تفاصيله، وبالنظر إلى ما حمله الحوار من جديد ومن معلومات ترجمناه إلى العربية بالمختصر المفيد.

أولا يرى كارايول أنه من الصعب في الوقت الحاضر أن نرى المشهد بوضوح، فخلال الانقلابات الأخيرة في مالي وغينيا وبوركينا فاسو، لم يكن رؤساء دول وحكومات الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “الإكواس” حازمين مثلما شاهدناه مع النيجر. فعلى مدى الأيام التي أعقبت اجتماعهم الاستثنائي في 30 جويلية، استقوت فرضية التدخل العسكري في النيجر لاستعادة النظام الدستوري، وبدا بعض قادة غرب إفريقيا حازمين حقا، يتقدمهم رئيس نيجيريا، بولا تينوبو، الذي هو أيضا رئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا منذ بداية جويلية. كما يبدو أنهم يستفيدون من دعم بعض الشركاء الغربيين بلا شك، بدءًا من فرنسا، لكن البرلمان النيجيري، باستشارة تينوبو، أبدى تحفظاته في 5 أوت بشأن التدخل العسكري – وهي تحفظات أعرب عنها أيضا العديد من الوجهاء في شمال البلاد المحاذية للنيجر.

ويؤكد ريمي كارايول أن المواقف المتراكمة لفرنسا في المنطقة زادت من الطين بلة، “فقد أضعف الموقف الرئيس النيجري على نطاق أوسع، فإن الانقلاب يوضح المناقشات التي تدور في مجتمعات غرب إفريقيا، بما في ذلك النخب السياسية والعسكرية، حول عواقب مثل هذه الحرب، والتي يمكن أن تكون واسعة النطاق بالإضافة إلى الخسائر المدنية والعسكرية والمادية التي يمكن أن تسببها بانهيار الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والإجماع النسبي الذي ساد في المنطقة الفرعية لعدة سنوات”.

ويقول المحلل: “ربما يشكل الانقلاب نهاية عهد وبداية عهد آخر بالنسبة إلى فرنسا. ويبدو أن غرب إفريقيا، مثل مناطق العالم الأخرى، يمر بأزمة كبيرة، هذه الأزمة سياسية عميقة في سياق الاختلالات الشديدة والفقر المستوطن والفساد ولكن أيضا في سياق عولمة المعرفة والدعاية، فإن نموذج الديمقراطية الغربية كما تم تبنيه – أو فرضه أحيانا – في هذه المنطقة من العالم هو اليوم موضع تساؤل من قبل جزء من سكان غرب إفريقيا، وخاصة من قبل الشباب. ويأخذ هذا التساؤل أشكالا مختلفة، والانقلابات العسكرية، التي تستفيد من مباركة هؤلاء الشباب، وأحيانا من دعمهم الكامل، هي واحدة من هذه الأشكال.

أما عن سؤال ماذا يعني التدخل المسلح من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بالنسبة لسياسة فرنسا في منطقة الساحل؟ يقول المحلل أن “هناك طريقتان للإجابة على هذا السؤال، فمن حيث التصور فإن فرنسا يمكنها أن تخسر كل شيء في المنطقة، بمعنى أن بعض سكان غرب إفريقيا قد تبنوا بالفعل سياسة لأنفسهم في هذا المجال، فبالنسبة لهم فإن الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ليست سوى دمية في يد فرنسا، والتدخل العسكري سيكون بالضرورة نتيجة إرادة فرنسا”.

و”يكفي – حسب المحلل – لمن يدافعون عن هذه الفكرة أن يتذكروا أن فرنسا لديها 1500 جندي في النيجر، وكثير منهم يتمركزون داخل مطار نيامي – وهو موقع استراتيجي – أو يشيرون إلى سابقة كوت ديفوار عندما تدخل الجيش الفرنسي في الصراع بين الحسن واتارا ولوران غباغبو في عام 2011، لتأكيد أن باريس تتدخل مرة أخرى في الشؤون الداخلية لمستعمراتها السابقة”.

و”على أي حال – يقول كارايول – فإن الانقلاب في النيجر يشكك في الخيارات التي اتخذتها السلطة التنفيذية بعد انسحاب القوات الفرنسية من مالي في أوت 2022، وانتهاء عملية برخان في نوفمبر 2022 عندما تم اتخاذ القرار بالاستمرار في لعب دور في الحرب ضد الجماعات الجهادية – دون مناقشتها مع الممثل الوطني – واستمر اللعب الفرنسي في إطار عملياتي غامض للغاية، بالمناسبة – لم تتخذ فرنسا قدرا من الاهتمام إزاء النقد الموجه لها – وهو أكثر حدة منذ مطلع السنة؛ لكنها بالإضافة إلى ذلك أضعفت حلفاءها بدءًا من رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم”.

وحسب كارايول، “فقد حذر الرئيس بازوم العديد من المحللين والمستشارين أيضا من خطر إظهار مثل هذا التعاون الوثيق مع فرنسا، فهذا يسبب الإحباط داخل جميع قطاعات المجتمع النيجري. وربما افترض بازوم تلك العواقب بالكامل، وتحدثت عنه فرنسا على أنه مختبر. فإذا لم يكن الانقلاب مرتبطا بهذا التعاون، فإن الانقلابيين يستخدمونه اليوم لكسب شعبية وبالتالي الاستفادة من نوع من الدرع المدني ضد أي تدخل مسلح محتمل”.

من خلال ربط نفسها بطريقة أو بأخرى بالتدخل العسكري، فإن باريس نفسها ستكمل عملية القطيعة بين المجتمعات المدنية في غرب إفريقيا وفرنسا، وستغامر أيضا بتعريض المواطنين الفرنسيين الذين يعيشون في هذه البلدان للخطر.

فيصل. أ